طالبات الإعاقة السمعية بكلية فلسطين التقنية.. تحدى كسر حاجز الصوت
غزة/ سماح المبحوح:
داخل قاعة مليئة بصور تصاميم الأزياء والإكسسوارات، تجلس 6 طالبات من ذوي الاعاقة السمعية، وعيونهن تراقب بدقة وشغف حركات معلمة لغة الإشارة، لتكون لهن منارةً تُهديهن إلى عالم تصميم وحياكة الملابس، كغيرهن من الطالبات الاصحاء. ما إن تقترب منهن حتى تجدهن مجموعة يستهويك حديثهن الصامت، وإشاراتهم المُعبرة الناطقة بكل أملٍ ويقين على أن طريق العلم لا يحده مُعيق.
وفتحت كلية فلسطين التقنية أبوابها مشرعة أمام فئة الصم إيمانًا منها بقدرة الشباب الفلسطيني على العطاء رغم ما تحيط به الظروف ومعيقات، فلا إعاقة يمكنها أن تكبل إرادة الإنسان وعزيمته سوى إعاقة التفكير والطموح.
وللوهلة الأولى لا يبدو على الطالبات الست اللواتي يدرسن تخصص تصميم الأزياء في كلية فلسطين التقنية بدير البلح وسط قطاع غزة، أنهن فاقدات السمع، فانخراطهن السريع مع زميلاتهن الاصحاء، مكنهن من التعلم بسرعة، دون عقبات كبيرة.
وبشغف وخيال واسع، تُحرك الطالبة علا النقلة أناملها لترسم أرقى التصاميم، معبرة عما يجول بداخلها من إبداع وفهم عميق للألوان والنسيج، متخطيه حاجز الصوت، عبر لغة الاشارة.
الطالبة النقلة التي شجعها والداها على استكمال مشوارها العلمي، كانت تخشى من عدم اندماجها مع زميلتها من غير ذوي الإعاقة، وأن تقف الإعاقة حجر عثرة في طريق مشوارها، إلا أن مخاوفها سرعان ما تبددت مع بدء الدراسة والتأقلم مع زميلتها.
تحدٍ كبير
وتقول النقلة لـ “الاستقلال” وبلغة الإشارة عبر مترجم “أن تنجح وأنت سليم معافى وبصحة جيدة فهو أمر عادي ومتوقع، لكن أن تنجح وأنت تعاني من إعاقة مزمنة فهذا هو التحدي”.
وتضيف درست الثانوية العامة في مدرسة الرافعي الثانوية للصم في غزة، وأردت أن أتوقف عند هذا الحد، إلا أن عائلتي، شجعتني للتسجيل في تخصص تصميم الأزياء، بكلية فلسطين التقنية، لأحقق حلمي”.
وأشارت إلى أن والدها سجلها في تخصص تصميم الازياء في الكلية واشتري لها ماكينة “خياطة” لتحيك ما تتعلمه، لافتة إلى أن أول قطعة ملابس ستحيكها هي “جلابية” هدية منها لوالدها.
تجربة جديدة ومفيدة
المعلمة سماح الحلو مترجمة لغة الإشارة، تؤكد أن دمج الطالبات من ذوي الإعاقة مع غيرهن ممن لا يعانين من أي إعاقة تجربة جديدة ومفيدة، وتنعكس بنتائج إيجابية على ذوي الإعاقة على مختلف الجوانب .
وأوضحت الحلو لـ”الاستقلال” أن الطالبات واجهتهن صعوبة في البداية، في التعامل مع زميلاتهن، إلا أنه سرعان ما زال ذلك، حين وجدن القبول والرضى، وعدم التنمر من قبلهن.
ولفتت إلى أن تعامل الطالبات والمعلمات المرن سهل دمج الطالبات بوقت أسرع، مشيرة إلى التعاون الكبير بين الجميع.
وبينت أن الطالبات ذوي الاعاقة السمعية تفوق بعضهن في التخصص عن غيرهن من غير ذوي الاعاقة، في سرعة تنفيذ الدروس.
المشروع الأول
وأكد رئيس البحث العلمي في كلية فلسطين التقنية مدير مشروع” Edu4All ” التعليم للجميع، د. عز الدين عدوان أن المشروع هو الأول من نوعه على مستوى فلسطين، لكونه يهدف دمج الطالبات ذوي الاعاقة السمعية مع الطالبات، بتخصص تصميم الأزياء.
وأوضح عدوان لـ “الاستقلال” أن المشروع ممول من الاتحاد الأوروبي تحت إطار برنامج ايراسموس بلس، مع شركاء جامعات أردنية وجامعات فلسطينية بالضفة والقدس المحتلتين، إضافة لشركاء اوروبيين من اليونان وألمانيا وإسبانيا.
وبين أن المشروع يستهدف 6طالبات في تخصص تصميم الأزياء خلال المرحلة الحالية، لافتا إلى أنه في المستقبل سيتم العمل على دمج عدد أكبر من ذوي الاعاقة السمعية في التخصص، بعد توفير المعدات الالكترونية اللازمة التي تدخل في ترجمة الصوت لنص وغيرها، لتسهيل عملية التعلم على الطالبات.
وأشار إلى أن موظفي الكلية تلقوا تدريبات وتعرفوا على خبرات عملية في عدد من الدول الأجنبية كاليونان، التي تعمل في ذات المشروع، لافتا إلى أن عدداً من موظفي الكلية تلقوا تدريبات على لغة الاشارة لتسهيل التعامل مع الطالبات وسرعة دمجهن في أروقة الكلية.